اليوم، سننطلق معاً في رحلة استكشافية لنص فلسفي عميق يحمل عنواناً شيقاً: "نص أنا أعمل إذن أنا موجود". هذا النص يدعونا إلى التفكير في علاقة العمل بوجودنا كبشر، وكيف أن العمل يشكل هويتنا ويعطى لحياتنا معنى.
التقديم :
النص في شكل مقال تفسیري ذو غايات حجاجية، منشور في مجلة "الثقافة العربية" بقلم المفكر وأستاذ الفلسفة الليبي رجب بودبوس. يندرج المقال ضمن محور "العمل" للسنة التاسع أساسي .
الموضوع :
يقدم النص رؤية فلسفية عميقة لقيمة العمل في حياة الإنسان. يتجاوز فيها النظرة التقليدية للعمل كوسيلة لكسب الرزق، ليربطه بجوهر الوجود الإنساني، حيث يرى أن العمل هو وسيلة لتشكيل الهوية، وتحقيق الذات، وإيجاد معنى للحياة.
الوحدات : حسب معيار بنية الحجاج
- الوحدة الأولى : من السطر 1 الى السطر 3 : التمهيد للحجاج
- الوحدة الثانية : من السطر 4 الى السطر 5 : الأطروحتان
- الوحدة الثالثة : من السطر 5 الى السطر 18 : سيرورة الحجاج
- الوحدة الرابعة : البقية : الاستنتاج
الأسئلة :
نقدم لكم نص أنا أعمل إذن أنا موجود مع اجابة كل الأسئلة .
أستعد :
1.اذكر تأثيرات العمل المتعددة في الجدول الآتي :
| الجانب | الأثر الإيجابي للعمل | الأثر السلبي للعمل |
|---|---|---|
| في المجتمع | تعزيز التماسك الاجتماعي، المساهمة في التنمية | زيادة التنافس، تهميش بعض الفئات |
| في العقل | تنمية المهارات، زيادة الإبداع، تقوية الذاكرة | التوتر والإجهاد، صعوبة التركيز |
| في الشعور | الشعور بالإنجاز، الرضا عن النفس، الثقة بالنفس | الاكتئاب، القلق، الشعور بالفشل |
| في الجسد | الصحة الجيدة، اللياقة البدنية | الأمراض المهنية، الإرهاق |
| في المادة | تحقيق الاستقرار المادي، تحسين مستوى المعيشة | الاستغلال، التفاوت في الدخل |
| في الطبيعة | الحفاظ على البيئة، الاستفادة من الموارد الطبيعية | التلوث، استنزاف الموارد |
عبارة "قتل الوقت" تعني قضاء الوقت بطريقة غير منتجة أو مفيدة، أي هدر الوقت دون تحقيق أي هدف أو الاستفادة منه. يمكن قتل الوقت بعدة طرق مثل: التسويف و الاعتماد على الملهيات .
أبني المعنى :
1. لماذا سعى الكاتب إلى دحض الرأي القائل بأن هدف العمل إنتاج ما يشبع الحاجات فقط؟
يسعى الكاتب إلى دحض هذا الرأي التقليدي عن العمل لعدة أسباب:
- تعميق فهم العمل: يريد الكاتب أن يظهر أن العمل يتجاوز كونه مجرد وسيلة لكسب العيش وتلبية الاحتياجات المادية، بل هو نشاط إنساني أعمق وأشمل.
- إبراز القيمة الروحية والاجتماعية للعمل: يهدف الكاتب إلى تسليط الضوء على الأبعاد الروحية والاجتماعية للعمل، وكيف أنه يساهم في تشكيل هوية الفرد واندماجه في المجتمع.
- أدوات النفي: "لا"، "ليس"، "لم"، تستخدم هذه الأدوات لدحض الرأي القائل بأن العمل يقتصر على تلبية الحاجات المادية.
- أدوات التأكيد: "إن"، "أن"، "بالفعل"، تستخدم هذه الأدوات لتأكيد أهمية العمل في تشكيل الذات وتحقيق السعادة والرضا.
3.تعددت الجمل الاسمية في النص فيم تفسر ذلك؟ وهل تساهم في النفس التقريري؟
الجمل الاسمية تستخدم لإبراز الأفكار الرئيسية وتسليط الضوء عليها. نعم، تساهم الجمل الاسمية في النفس التقريري لأنها تعطي انطباعًا بأن الكاتب يقدم حقائق وأفكارًا ثابتة وموضوعية.
4.تتبع تجليات العنوان في النص.
العنوان يجب أن يعكس الفكرة الرئيسية للنص. في هذا النص، العنوان مرتبطًا بالمفاهيم التالية: "قيمة العمل"، "العمل والإنسان"، "تحقيق الذات من خلال العمل".
أبدي رأيي :
1.إلى أي مدى يحقق نظام العمل في العصر الحديث إنسانية الإنسان؟
يوفر العمل العديد من الفوائد مثل التطور الشخصي، والاستقلال المادي، والتواصل الاجتماعي، والشعور بالإسهام في المجتمع. ومع ذلك، قد يجلب العمل معه تحديات مثل الاستغلال، والضغط النفسي، والروتين، والتأثير السلبي على الحياة الشخصية. لتحقيق التوازن، يجب السعي لتوفير بيئة عمل صحية، وتطبيق قوانين عمل عادلة، وتشجيع التطوير المهني المستمر، ودعم مبادئ المسؤولية الاجتماعية للشركات.
2.في ظل التكنولوجيا المتسارعة، هل يمكن للعمل أن يبقى مصدرا للسعادة والإشباع؟
في عالم العمل سريع التغير، يُعدّ الشعور بالرضا والإنجاز هدفًا يسعى إليه الجميع. ولبلوغ هذا الهدف، يمكن التركيز على عدة نقاط محورية. أولاً، يُعدّ تطوير المهارات لمواكبة التطورات التكنولوجية وتعلم مهارات جديدة أمرًا ضروريًا، فهو لا يزيد من فرص النجاح فحسب، بل يُعزّز الشعور بالإنجاز والتميز. ثانيًا، يُتيح العمل المرن، سواء كان عن بُعد أو بجدول زمني مُرن، فرصة أكبر لتحقيق التوازن بين متطلبات العمل والحياة الشخصية، مما يُخفف من التوتر ويزيد من الرضا. ثالثًا، يُعدّ البحث عن عمل يتوافق مع قيم الفرد وميوله الشخصية عاملًا هامًا في الشعور بالرضا، فالعمل الذي يتماشى مع شغف الإنسان يصبح مصدرًا للسعادة والإلهام. وأخيرًا، وبالرغم من التطور التكنولوجي المُذهل، يبقى التواصل البشري عنصرًا أساسيًا في بيئة العمل، فهو يُعزّز الشعور بالانتماء ويساهم في بناء علاقات إيجابية تُثري تجربة العمل.
نص أنا أعمل إذن أنا موجود
إن العمل يعني تشكيل المادة وتحويلها، وأنْ يُخْلَقَ منها ما لم يُوجد بعد، وفي كل إنتاج ينطبع وجود الإنسان، أعني أنَّ كلَّ إنتاج يحمل جزءا من وجود الإنسان. فبالعمل تحرر الإنسان من سيطرة الطبيعة، ومن سيطرة الصدفة. إن العمل لا يعني الإنتاج فقط، أي إنتاج ما يشبع الحاجاتِ فحسب، بل أيضا قدرة الإنسان على الخلق فوجود الإنسان ينطبع على كل ما ينتجه إن المنضَدَةَ تَجَسِّدُ عَمَلَ يَوْمِ بِالنِّسْبَةِ إِلى النَّجَارِ إِنَّ جزءا مِنْ وُجُودِ هذا النَّجَارِ تَحَوَّلَ إِلَى عَمَلٍ تُمَثْلُهُ تِلْكَ المِنْضَدَةً، يقفُ أمامَها مَزْهُوا هَذَا عَمَلِي، هذا مُبَرِّرُ وُجُودِي. وهكذا الأمر بالنسبة إلى الفلاح، فشجرةُ الزَّيْتُون التي غَرَسَتْها يَدَاهُ، تَعني تجسيدًا لعدَّةِ سَنَوَاتِ وتبريرا لهذه السنوات. فالعملُ يُعْطِي وجود الإنسان معنى ومُبرِّرًا، ومن دُونِهِ يَظَلُّ هذا الوُجُودُ من دون معنى ومن دون مُبرِّرِ. فالأثرياء الذين لا يعملون يفقِدُونَ إِحْسَاسَ الوُجُودِ، غَيْر أَنهُمْ لا يَستَطِيعُونَ إلا أن يقتلُوا وقتهم في شيء، فيقتلون وقتهم من دُونِ أَنْ يُبَرِّروا وجُودَهُم فيَكُونُ الشُّعُور بالخوَاءِ نَصيبَهُمْ، يُحاولون تناسِيهِ بالإغراق فيما يقتل الوقت. إن الإنسانَ يَشْعُرُ بعدَ كُلِّ يَوْم "عمل"، أنه برَّرَ ذلك اليوم ولم يترُكْهُ يَمُرُّ هَدْرًا، أَنَّهُ قد عاش يومه ولم يقتل يومه، فيشعر بالراحة والرضا. إن عملَهُ حِينَئِذٍ لَنْ يَقْوَى عَليهِ العَدَمُ ولن يقهَرَهُ الموتُ. سيظل شامخا موجودا في الشجرةِ التي زرعها حتى آتَتْ أُكلها، وفي المنضدة التي صنعها، وفي البناء الذي شيده، سيظل موجودا- رغمَ مَوْتِهِ في كلِّ إنجاز قام به من أقل إنجاز إلى أعظم إنجاز. إن العمل يخلد الفاني، مقاومة للعدم ومعنى هذا أن يصبح العمل هواية ولذة. إن العمل ممارسة لوجود الإنسان وتحقيق له، ونحن نشعر بلذة أمام أعمالنا، أمام إنتاجنا، بلْ التَّعَبُ الجِسْمِيُّ لا اعتبار له، إذ قد يظلُّ الإنسان يعمل الساعات الطوال من دون شعور بالملل والإرهاق. إن لحظةَ تأمل نَقِفُهَا أمامَ أَعْمَالِنَا، تَجْعَلُنَا نَنْسَى التَّعِبَ والإرهاق، وتجعلنا نفخر بوجودِنا الإنساني رغمَ ضَالَتِهِ، إِذْ حَقَّقْنَا بِهِ حُلْمًا.
من قال انا اعمل اذن انا موجود ؟
المقولة الفلسفية الشهيرة التي تشبهها هي: "أنا أفكر إذن أنا موجود" وهي مقولة للفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت. كلا المقولتين تربطان وجود الإنسان بفعل معين. و من هنا تم استلهام فكرة عنوان النص.